الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : الروس يحولون سورية إلى قاعدة لصراعاتهم الدولية!!

وجهة نظر : الروس يحولون سورية إلى قاعدة لصراعاتهم الدولية!!

29.01.2022
زهير سالم



زهير سالم*

فتحنا أعيننا على السياسة، والعالم في أوج ما سمي بالحرب الباردة. وكانت كتلة "عدم الانحياز" أكبر الكتل في العالم. تتحد فيها دول العالم الثالث بين حلفي "وارسو" و"الناتو" الذي كانوا يطلقون عليه الحلف الأطلسي. ونشأنا كفتيان ثم كشباب ورجال على ثقافة وفلسفة "عدم الانحياز"، وأهمية أن تنأى دولنا وشعوبنا بنفسها عن الصراعات الدولية الكبرى، بما يملك أربابها من قدرة على الإبادة والقتل والتدمير والحصار. وكان من رموز دول عدم الانحياز في ذلك العصر الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والرئيس الهندي الكبير جواهر لال نهرو، والرئيس اليوغسلافي جوزيف تيتو، والرئيس الأندونيسي أحمد سكارنو ، وكانت سورية ،الدولة، دائما في مقدمة دول عدم الانحياز، وضد فكرة الدخول في الأحلاف الدولية، وفي شتى المجالات ..
أحكي لكم هذا ونحن نتابع منذ ثلاثة أيام، وبعد أن حول بشار الأسد سورية "كل سورية" إلى قاعدة عسكرية روسية. فأصبحت وطنا محتلا يسوسه بحق في سياساته الداخلية القائمة على الإبادة والتطهير الديني "قائم بأعمال" الرئيس الروسي، فقد زاد في الأمر خطورة ، على ضوء الصراع العالمي المتصاعد بين الروس والأمريكيين، فزجت سورية في هذا الصراع، وفي هذا ما يضاعف الأخطار المحدقة بسورية، والسوريين جميعا ، مع كل ما في المشهد من أخطار ..
فمع تصاعد مدخلات الحرب القادمة بين الروس والأمريكيين في "أوكرانيا" ومع إعلان الأمريكيين أن الروس يستعدون لمعركة عسكرية للاستيلاء على أوكرانيا في شباط المقبل، ويتههدوون بفرض عقوبات دولية على الرئيس بوتين نفسه ..
في هذا الوقت بالذات قامت طائرات روسية بالشراكة مع طائرتين أسديتين بدوريات استعراضية عبر المتوسط. كنوع من أنواع الاستعراض أمام الأمريكان، وتحديهم، والذهاب بعيدا في إعلان الاستعداد للمواجهة في أوكرانيا كما في سورية ..
لا شك أن بعض قصار النظر ، قرؤوا في الدوريات الروسية - الأسدية المشتركة، رسائل موجهة للعدو الصهيوني، وربطوها بالغارات التي تمت على ميناء اللاذقية، كما ربطوها بخصوصية العلاقة الأمريكية الصهيونية!!
الحقيقة المرة في هذه الدوريات أن الروسي لم يخرج فيها شفيعا للأسدي، بل الأسدي هو الذي خرج فيها تابعا للروسي، مورطا فيها سورية، الدولة والإنسان والأرض، بنوع من الحروب قد يكون كل ما مر بنا من قبل مجرد ملهاة...
يقولون إن العمالة والخيانة هوة لا قاع لها. وأتذكر عندما قرأت مذكرات السلطان عبد الحميد، كم كان يحترق وهو في معزله ليمنع ضباط الاتحاد والترقي المنقلبين عليه، من الدخول في الحرب العالمية الأولى، موجها لهم أن يحسنوا الاصطفاف على خطوط الحياد...
واليوم ونحن نرى بشار الأسد وزمرته من العملاء، يدفعون بما تبقى من وطننا سورية إلى حمأة صراع دولي، لا ناقة لنا فيها ولا جمل نقول : وهل لذناباها من تلاف...؟؟!!
لندن: 24/ جمادى الآخرة/ 1443
27/ 1/ 2022
____________
*مدير مركز الشرق العربي